لماذا فرض رمضان ثلاثين يوما وما الحكمة من صيامه؟

لماذا فرض رمضان ثلاثين يوما وما الحكمة من صيامه؟

لما فرض رمضان ثلاثين يوما؟

فالجواب: إنه قيل إن الوقوف على الصراط ثلاثين سنة ، فإذا صمت ثلاثين يوما أعانك الله في الموقف بالعافية والسلامة والسعادة والكرامة ثلاثين سنة.

روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا دخل شهر رمضان: ( إن الله فرض عليكم شهر رمضان ، وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانا وإحتسابا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه )"1".

جاء في كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين للشيخ الحافظ ابن الجوزي أنه روي عن النبي أنه اذا دخل رمضان كان يقول : ( مرحبا بالمطهر ) قالوا: يارسول الله وما المطهر: قال: ( مطهر من الذنوب والخطايا ) .

الحكمة من شهر رمضان؟

ففيه أقوال : أحدهما أن الله تعالى أمرنا أن نصوم فيه ونجوع فيه لأن الجوع ملاك السلامة في باب الأديان والأبدان عند الأطباء والحكماء، وقيل: ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه ، والحكمة ملك لا يسكن الا في بيت خال .

وروي عن يحي بن معاذ وهو ذو النون المصري رحمه الله أنه قال: من شبع من الطعام عجز عن القيام ومن عجز عن القيام افتضح بين الخدام ، وإذا إمتلأت المعدة رقدت الاعضاء عن الطاعات ، وقعدت الجوارح عن العبادات –وأنشدوا-

تجوع فإن الجوع يورث أهله

عواقب خير عمها –الدهر- دائم

ولا تك ذا بطن رغيب وشهوة

فتصبح في الدنيا وقلبك هائم

روي عن ذي النون المصري رحمه الله أنه قال: تجوع بالنهار وقم بالأسحار تر عجبا من الملك الجبار.

وروي عن يحي بن معاذ رحمه الله أنه قال: لو كان الجوع يباع في السوق لكان المريد محقوقا إذا دخل السوق أن لا يشتري شيئا غيره والله تعالى قد فضلكم بدين الاسلام ومن عليكم بشهر الصيام.

أمرهم الله بالصيام لأنه ليس على أهل النار شيئ أشد من الجوع وذلك لأن الله تعالى يلقي عليهم لينسوا كل العذاب من شدة الجوع فيستطعمون مالك خازن النار فيأتيهم بطعام الغصة كما قال تعالى: ( إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما )"2" ، فيعبر في حلوقهم فيقولون إن كنا نبتلع الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون فيسقيهم المهل كما قال تعالى: ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل )"3" ، فأمر الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصيام هدا الشهر ليصرف عنهم ذلك الجوع ، وكذلك أمر الله بصيامه سائر الأمم ، فآمنت به هذه الأمة وكفرت به سائر الأمم.

فرض عليهم صيام شهر رمضان لأن الزهد زهدان : زهد في الحلال وزهد في الحرام وأشرفها الزهد في الحلال، فامر الله تعالى بصوم هذا الشهر حتى يعطيهم ثواب زهد الحلال والحرام.

أراد الله شهر الصوم إنتباه الأغنياء ليعلموا بحال الفقراء من الأمة فيصوموا معهم حتى يذكروا بشدة الصوم شدة يوم القيامة وأهوالها ، لأنه ليس على أهل القيامة أشد من الجوع ، وليعلموا أنه إذا كانت في طاعة الله تعالى شدة فإن الجوع في النار أعظم شدة.

إجتهدوا في حفظ هذا الشهر العظيم ، وأعملوا ليوم وفاتكم وفقركم إذا وقفتم بين يدي ربكم.

الهوامش:

1- أخرجه النسائي في المجتبى 4/158 ، وأحمد في المسند 1/191

2- المزمل 12-13

3- الكهف 29

المرجع:

من كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين للشيخ الحافظ ابن الجوزي